• ارتفاع حجم الديون في السوق العقارية إلى 4 مليارات ريال

    26/07/2009

    غالبيتها أقساط شقق للتمليك وإيجارات للمساكن.. عقاريون:ارتفاع حجم الديون المتعثرة في السوق العقارية السعودية إلى 4 مليارات ريال 


     
     

    أكد عقاريون عاملون في السوق السعودية أن حجم المبالغ المتعثرة والمستحقة السداد في قطاع الإسكان تجاوز أربعة مليارات ريال، موضحين أن نسبة الزيادة بلغت أكثر من 100 في المائة مقارنة بالأعوام السابقة التي بلغ فيها حجم الديون نحو ملياري ريال، مرجعين أسباب الزيادة إلى الأزمة الاقتصادية وارتفاع مستويات التضخم، وارتفاع مستويات الإيجارات التي لم تعد تتواءم مع حجم دخل الأفراد نظير تقلص المساحات الإسكانية وانخفاض حجم العرض مقابل الطلب.
    ويرى العقاريون أن نحو 5 في المائة من المتعثرين في السداد هم في الأصل محتالون، بينما البقية غير قادرين على الإيفاء بالمتطلبات المادية المترتبة عليهم، داعين إلى ضرورة تفعيل آليات التنفيذ في الأجهزة التنفيذية التي لا تقم بواجبها على الوجه المطلوب، حيث إنها تعجز كثيرا أمام الطلبات المقدمة لإحضار المطلوبين الذين أدانتهم المستمسكات الشرعية.
    وقال عبد الله ألأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في الغرفة التجارية الصناعية في جدة :» إن السنوات الماضية وتحديدا ما قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، كان يقدر فيها حجم المبالغ المهدرة في السوق العقارية بسبب الديون المتعثرة بأكثر من ملياري ريال، سواء كانت مقابل أجور عقارات أو بسبب عدم تحصيل الديون التي مازالت تحت النظر في المحاكم، أو تلك التي لم تستطع الجهات التنفيذية إحضار المتهربين من سدادها، والتي قد تكون اليوم في حكم الديون شبه المعدومة»، مرجعاً أسباب التعثر في سداد الديون في الماضي إلى عدة أسباب، كان من أبرزها أن هناك نوعا من المتعثرين هم من ذوي الدخل المحدود الذين لم يعودوا قادرين على الإيفاء بدفع المستحقات المترتبة عليهم نظير وضعهم المادي ولدخلهم المنخفض الذي لا يتواءم مع احتياجاتهم الأساسية، كما أن هناك نوعا آخر من الذين تعثروا في السداد وهم في الأصل متعمدون للأمر، حيث أنهم اعتادوا على التمرد واللامبالاة والتهرب من سداد أي نوع من الأقساط في ظل عدم قيام الجهات التنفيذية بتنفيذ ما لديها من قرارات سواء كانت أحكاما شرعية أو بموجب شيكات مصرفية أو بموجب السندات والكمبيالات.
    وأضاف الأحمري: «إن الأزمة الاقتصادية والتضخم في مستوى المعيشة أسهمت بدورها في زيادة نسبة التعثر في سداد المستحقات المترتبة على الأفراد مقابل إيجارات المساكن أو أقساط وحدات السكن بالتملك بنحو 100 في المائة وليبلغ الرقم المتوقع لحجم الديون المتعثرة نحو أربعة مليارات ريال»، غير مستبعد أن يكون من ضمنها نحو 50 في المائة ستكون ديونا معدومة في ظل غياب آليات التحصيل المناسبة وعدم تفاعل الأجهزة التنفيذية مع القرارات القاضية بالتنفيذ، مبيناً أن المديونيات وتراكمها بسبب الأزمة الاقتصادية وتعثر الكثير من الأفراد في سداد مستحقات المساهمات العقارية وتعثر المطورين أيضا في سداد المصارف أسهمت في تعثر نشأة المخططات وإمكانية إضافة مساحات جديدة تكون قابلة للسكن داخل النطاق العمراني، الأمر الذي ترتبت عليه عدة عوامل من ضمنها فنية وإدارية، فالفنية تتمثل في إعاقة أعمال التخطيط، وأما الإدارية فتتمثل في وجود الازدواجية في الصكوك لقطع الأراضي وأن بعض الصكوك لم تستوف كافة شروطها، وهو ما دفع بالأفراد إلى زيادة معدلات الإقراض بالنسبة لهم وزيادة نسب تعثرهم أيضا لانخفاض معدلات دخلهم وزيادة حجم المستحقات المترتبة عليهم في ظل تطلعهم لتحصيل مبالغ متعثرة في قطاعات أخرى لصالحهم.
    وشدد الأحمري في مطالبته بالحد من زيادة حجم الديون المتعثرة التي يرى إمكانية تضاعفها خلال الفترة المقبلة ما لم يتم التدخل عاجلاً بإيجاد قائمة بالممتنعين والمتخلفين عن السداد على غرار المعمول بها في البنوك وشركات التقسيط والتعمير وخلافه، وتكون هذه القائمة لدى الغرفة التجارية ويرجع إليها أصحاب المكاتب العقارية، حيث يحصل صاحب العقار على قراءة أولية عن وضعية الشخص المعني وذلك بهدف حماية الملاك من التورط مع مستأجرين ذوي سوابق أو نحوها، كما يجب أن يتم التعاون من قبل الأجهزة الحكومية في تفعيل المنع للمتعثرين من مراجعة أي دائرة ما لم يتم سداد المستحقات المترتبة عليهم، جازما أن هذه الآلية ستضمن عدم وجود ديون معدومة وستمكن الجميع من تحصيل حقوقهم حتى وإن كان ذلك على الأمد البعيد.
    وزاد ألأحمري: «إنني أرى أنه تم التوسع في برامج تملك المساكن فإن الديون المتعثرة ستنخفض نسبتها كثيرا، وذلك لأن الجميع حينها سيجبرون على السداد حتى لا يتم إخراجهم من تلك المساكن وهم في الأصل راغبون في تملكها، ولكنني أرى أن المشكلة ليست واقفة أمام الراغبين في التملك ولكنها تتجاوز الأمر إلى المطورين والمصارف وغيرها من الجهات التمويلية التي لا ترغب في إيجاد مثل هذه البرامج لرغبتها الوحيدة الكامنة في محاولة تحقيق أعلى مستوى ربحية ممكنة من الأفراد خاصة ممن هم من ذوي الدخل المحدود»، داعيا الجهات المعنية في الدولة ممثلة في هيئة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية ووزارة التخطيط ووزارة الشؤون الاجتماعية إلى القيام بواجباتها نحو الأفراد من ذوي الدخل المحدود، وأن عليها أن تعمل على تقديم المنتجات الإسكانية التي تتواءم أسعارها مع مستويات الدخل المنخفضة.
    وأضاف الأحمري: «إن صندوق التنمية العقاري عاجز عن تحصيل حقوقه لدى من بعض من قام بإقراضهم، وهو غير قادر على تلبية حاجة المواطنين إلى السكن حتى وإن تمت زيادة معدلات القروض التي يقوم بتقديمها، وأن القروض التي يقدمها الصندوق تبلغ نحو 25 في المائة من قيمة تكاليف البناء للأرض التي بلغ متوسط أسعارها نحو 300 ألف ريال، وأنني أرى أن على الصندوق أن يبدأ بتغيير آلياته بحيث يتوقف عن منح القروض ويعمل على استثمار رأس المال الخاص بها حتى يتمكن من تنمية رأس المال ومن ثم التوسع في تملك الأراضي وبنائها على عدة مستويات مختلفة تلبي جميع احتياجات المواطن السعودي ورغباته»، لافتاً إلى أن محافظة جدة البالغ عدد سكانها نحو أربعة ملايين نسمة هي بحاجة إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا على مدى خمسة أعوام حتى يتم الوصول إلى مرحلة الاكتفاء وسد حجم الفجوة التي أخذت في الاتساع بين حجم الطلب والعرض.
    من جهته قال منصور أبو رياش رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: «إن التعثر في سداد إيجار العقار وأقساط مساكن التمليك أمر أزلي وموجود منذ السابق، وهو إما أن يكون بسبب عدم قدرة الفرد على الإيفاء بالإيجارات والأقساط، أو أنه يكون من باب الاحتيال»، مؤكدا أنه في الوقت الحالي ارتفعت نسبة التعثر في السداد، والتي يرى أن الأسباب فيها تعود إلى أن ملاك العقارات في مكة المكرمة يطالبون المستأجرين بالإخلاء نظير رغبتهم إما في رفع الإيجارات أو تحويل مساكنهم إلى إسكان موسمي، وهو الأمر الذي وضع المستأجرين في مأزق ودفع بهم إلى التعثر في السداد لعدم قدرتهم على مواكبة حجم الأسعار لإيجار الشقق الذي بات يتراوح في المتوسط بين 35 و40 ألف ريال سنويا في الوقت الذي شحت فيه المساكن بشكل عام.
    ودعا أبو رياش إلى ضرورة بإعادة النظر في نظام الارتفاعات للطوابق المتكررة والذي من شأنه أن يسهم في فتح وحدات سكنية جديدة تسهم في مواكبة حجم العرض للطلب المرتفع، وإنزال مشاريع عقارية جديدة تدعمها الدولة من خلال صندوق التنمية العقارية، والسماح بمشاركة رؤوس أموال القطاع الخاص في إدارة منتجات عقارية مدعومة من الدولة، وإدخال مدخلات جديدة في الإنشاءات تضمن تقليل تكاليف البناء وتعمل على توفير المسكن الاقتصادي حتى يتم توفير المساكن ذات الإيجارات المناسبة، والتي بدورها تسهم في تخفيض سعر الإيجارات التي سيكون بمقدور الأفراد في حينها الإيفاء بها وعدم التعثر.
    وأضاف أبو رياش: للأسف أن الجهات التنفيذية لا تقوم بدورها المطلوب تجاه تنفيذ صكوك الإثبات للمديونيات، وأن معظم الردود التي توافي بها الجهات التنفيذية المدعوين تتمثل في القول: ( لم يتم العثور على المطلوب)، مبيناً أنه في حال تم إيجاد وحدات سكنية جديدة ومنتجات عقارية متنوعة تلبي كافة الاحتياجات سيتم الحد بشكل كبير من تعثر المطالبين بالمديونيات.
    وبدوره يرى الدكتور حامد الهرساني عضو لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة أن نحو 5 في المائة من المتعثرين في سداد مستحقات الإيجارات للمنتجات العقارية هم محتالون ولا يرغبون في السداد من الأصل، مستدركاً أن الجميع يفترض بهم حسن النية في حال تعثرهم، حيث إنهم أو الغالبية منهم لا يرغبون في التعثر خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمأوى الذي يقطنون فيه.
    وقال الهرساني: «إن ارتفاع أسعار الإيجارات في مكة المكرمة خلال الآونة الأخيرة أسهم بدوره في زيادة نسب التعثر في سداد المديونيات، خاصة أن الغالبية كانوا يحسبون حساباتهم على نسب معينة من مرتباتهم لفترات طويلة الأمد، والتي لم تتواءم مع ما حدث من ارتفاع في مستويات الإيجارات خلال الآونة الأخيرة»، مشيرا إلى أن مشكلة عدم القدرة على تنفيذ بنود العقود التي من شأنها أن تسهم في الحفاظ على حقوق جميع الأطراف تتمثل في عدم قدرة الأجهزة التنفيذية على التنفيذ وضبط المتحايلين وقد يأخذ وقتا طويلا جداً حتى يتم التنفيذ، مفيدا أن الحلول يجب أن تتم دراستها بشكل متكامل حتى يتم تلافي جميع السلبيات.
    وأرجع الهرساني ارتفاع إيجارات الإسكان في مكة المكرمة إلى أن مواسم الحج والعمرة باتت مفضلة لدى مستثمري العقارات، حيث إن مثل هذه المواسم تسهم في رفع نسبة الإدخال بنسب أعلى من تلك التي لو كان الأمر عليها عندما تؤجر المساكن على الأفراد، مؤكدا أن سكان مكة المكرمة باتوا يفضلون الخروج عن المنطقة المركزية بحثاً عن إيجارات أقل سعراً، كما أن النطاق العمراني لمكة المكرمة يعد صغيراً في حجمه لا يسمح بالتوسع، داعياً إلى ضرورة معالجة ارتفاع الأسعار بشكل عاجل وكحل مؤقت من خلال فتح الطوابق المتكررة في بعض الأحياء المؤهلة لتكون كمناطق حج أو سكن.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية